مزايا العدل 


العدل مصدر فعله عدل ومعانيه ثلاثة هي انصف ،سوى ، وترك ، فتقول مثلا عدلت بين الناس وعدلت الغض وعدلت عن الدنيا .
وفي هذا المقام اقتصر على العدل في معناه الأول مستفتحا بقوله تعالى : { ان الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون }
فإذا كان الخالق جل وعلا يأمرنا بالعدل فلانه من الأهمية بمكان لما يناط به من مزايا هي سبب صلاح هذا الكون ،والعدل في حد ذاته صفة نبيلة لا يتحلى بها الا رجل كريم زكت نفسه وتطهرت وارتقت الى مصاف الماجدين الابرار وباعتبار وجوده أو عدمه عند المجموعة البشرية يمكننا أن نصنف الناس الى مايلي : الحاكم ،والقاضي والمعلم والأبوان والزوجان ورب العمل.
 فالحاكم الذي ولاه الله على شؤون مواطنيه وهم أحوج ما يكونون الى رعايته وضمان الأمن والعيش الرغيد لهم هو أكثر الناس مطالبته بالإنصاف وإحقاق الحق بينهم أينما كانوا وكيفما كانت أحوالهم وطرق معيشتهم ،ولئن كان يفضلهم بجلوسه على كرسي الحكم والسلطة فهو من جهة أخرى خادمهم يسهر على مصالحهم ويذود عنهم كل مكروه ،يقول الرسول صلى الله عليه وسلم :{خادم القوم سيدهم }،{خير الناس أنفعهم للناس }
وعلى قدر المنصب الذي يتبوأه الحاكم تكون التكاليف وهي طبعا تتطلب النية الخالصة والعزيمة الصارمة والجهد الجهيد وفضله في ذلك اعظم واجل والا فبمجرد قيامه بالواجب كاف لإرضاء ضميره وإرضاء الذين له شرف الإشراف عليهم ، ومن صفات الحاكم العادل أن يكون بعيدا عن الحيف والمحاباة والطمع مكتفيا بما تيسر من الرزق ملتزما حدود القناعة والكفاف ،وكلما تسامى الحاكم في فترة حكمه كانت مسؤوليته أكبر واتسامه بالعدل الزم وإن كانت هناك أعباء ينوي الكاهل بحملها فهي لا تفث من عزيمته ولا تضعف إرادته إذا قدر المسؤولية حق قدرها ، ان النتائج التي ستنجم عنها لن تكون من نصيبه كحاكم أو من نصيب اسرته او بني قبيلته فحسب بل تشمل كل أفراد مجتمعه وكفى بذلك نبلا وفخارا ،لقد كان عمر بن الخطاب أكثر ملك حيث كانت سلطته تتجاوز التخوم العربية وصيته تصل الى ابعد نقطة في العالم وبامكانه وهو الحاكم المطاع ان يطغى ويتجبر ككسرى الفرس وقيصر الروم وكنه كان مثال العفة والنزاهة والعدل بل كان يجتزئ بأقل مايستره من الثياب وما يسد رمقه من الطعام واكبر همه الا يهضم لاحد حقا ولايؤثر أحدا على اخر الا بحق أو مبرر معقول وباختصار كان لا ينحرف عن سيرة النبي قيد انملة ولابدع فانه من رياضه انتشى وتعطر، كثيرا ما تقرع سمعي هذه العبارة : الناس على دين ملوكهم فاشك في مضمونها لأن الرعية لا تكون طوع إرادة ملكها ورهن امره واشارته الا اذا كان صالحا مصلحا والا نفرت منه وجدانيا وان تظاهرت بالطاعة والانصياع ، شك يوما معاوية عن سر تفاهمه مع شعبه فقال :بيني وبين شعبي شعرة إذا جذبوها ارخيت واذا جدبتها ارخوا.

méghazi yacine
كاتب المقالة
writer and blogger, founder of ♛ انســــان ☟ღ✎ .

جديد قسم :

Enregistrer un commentaire