العربية في راي المنصفين 


ما من أحد يتسم بالتعقل والإنصاف إلا ويشهد للأمة العربية بالعراقة ورسوخ القدم كما يشهد للغة العربية بالقوة والاصالة حيث وسعت كلام الله تعالى واتسعت لجميع أحكامه واغراضه ومغازيه وان لغة هذا شانها كيف لا تكون في مقدمة اللغات الراقية وان لم تكن أحسنها واوفاها ، ولقد كان العرب الأولون مع ما كانوا عليه من امية يتكلمونها بفصاحة وبلاغة وجودة نغم ، وما تلك القصائد الممتعة التي اشتهر بها أمثال عنترة وامرؤ القيس وليد وطرفة وزهير بن أبي سلمى الا من نسجها المحكم الجميل ، ولئن قيل إن في تعابير هؤلاء شيئا من التعقيد فليس كذلك بالنسبة إليهم وهم اعرف الناس بأساليبها وتراكيبها المختلفة ومع ذلك فإن لها من فساحة المجال وثروة في الألفاظ ما يجعلها تتلاءم مع كل جيل وتصلح لكل عصر .
نعم لقد كانت لها لهجات كثيرة ربما رجع اختلافها الى كثرة مترادفاتها ومشتقاتها فقد تستعمل قبيلة كلمة ما وتستعمل أخرى غيرها لكن مدلولها واحد ، فكلمة دخل مثلا نجد لها مرادفات عديدة كخش وولج وتوغل وهكذا يكون الأمر في غيرها من الكلمات ولاينبغي ان يذهب بنا الوهم الى الاعتقاد بان هذا الترادف علة ذلك التعقيد المزعوم لأننا نجد ذلك في اللغات الأخرى كالفرنسية وما شاكلها لكن الإنسان الفطن لاتغيب عنه هذه الحقائق ويفهم باي صفة كانت وينطق بها بأي أسلوب أراد ومهما يكن فإن العرب من جنوبهم الى شمالهم ومن شرقهم الى غربهم تتلاقى اذواقهم ومداركهم حول لهجة قريش في الحجازفكانوا يتقنونها ويتحدثون بها بكل سهولة لأنهم كانوا يؤمنون الكعبة على رأس كل سنة للطواف ولعرض شعرهم في سوق عكاظ  ولذا ابت الحكمة الإلهية الا ان تنزل الوحي على محمد صلى الله عليه وسلم بهذه اللغة وقد وصفت بالفصاحة لوضوحها وحسن تركيبها وشمول مدلولها ومن ذا الذي يجرؤ على الحط من قيمتها وهي لسان الوحي المبين ؟
وإن فرضنا وجود أناس لا يقنعون بهذه الحقيقة ويرونها صعبة عويصة أو جامدة ضعيفة لا تتناسب وأذواق عصرهم هذا فذلك عائد فيما اعتقد الى نقص في أفهامهم وجهل للعربية مبنى ومعنى والمثل يقول : من جهل شيئا عاداه مع اننا كثيرا مانسمع الأجانب في الشرق والغرب يعترفون لها بالفضل ويعطونها من التمجيد والتقدير ماهي جديرة به ، بل هناك من يكرسون الجهود الجبارة في سبيل تعلمها حتى اصبح منهم الأساتذة والكتاب بحيث لاتفرق بينهم وبين العرب الاقحاح اذا كانوا يتحدثون أو يكتبون ولوكان الانسان العربي يجد في العربية صعوبة فقد تكون عند الأجنبي اصعب فمن اين جاء هذا النطق السليم الجيد وتلك الكتابة الشيقة الممتازة إذا صح ما يدعون.
ربما كان لكلامنا بعض الأثر في بعض النفوس المغرضة لكنها من جهة أخرى تسبب لها العجز في الميدان العلمي لانها تجهل او تتجاهل اعلام العلوم والرياضيات والفلك كالفرابي والرازي وابن الهيثم وجابر بن حيان الذين اتخذوا من العربية أداة لتدوين معارفهم ومنها نقلت الى اللغات الأخرى .
كل ذلك تتغافل عنه او تنكره ويذهب بها الحقد الى انها ترى العربية قاصرة لاتصلح في الميدان الفني وتفضل عليها اللغات العامية وتتحمس لهذه الأخيرة وكأنها تنزيل من حكيم حميد


méghazi yacine
كاتب المقالة
writer and blogger, founder of ♛ انســــان ☟ღ✎ .

جديد قسم :

Enregistrer un commentaire