الدين والمجتمع 

ان المجتمعات لا تعتبر بما تملكه من اعداد وفيرة ، وعدد كثيرة ،  أوما تستأثر به من عمران أو سعة سلطان ،بل تعتبر في المقام الأول بما يتحلى أفرادها من أخلاق نبيلة وما يقدمونه من أعمال جليلة لأن تلك المزايا مهما كانت مظاهرها ونتائجها لا تستطيع ابدا ان تحقق لها ما تحقق الأخلاق من أمن ورفاهية وسعادة .
وانما الأمم الاخلاق مابقيت         فان هم ذهبت اخلاقهم ذهبوا
فمن هنا يتضح لنا احتياج المجتمع إلى أن يعد إعدادا خلقيا كافيا ليتسنى له أن يقطع مراحل الحياة وهو مطمئن ثابت القدمين ، تكتنفه الثقة الكاملة والامل الوطيد ولكن ترى من أين يستمد هذا الاعداد ؟
ايستمده من تلك التعاليم الوضعية من شيوعية او رأسمالية أو من تلك العقائد الخرافية الكاذبة ؟ كلا إن الشيوعية مع ما تمتاز به من تقدم مادي في جميع الميادين تحمل سمات دنيئة لا تتفق تماما مع المبادئ الخلقية ، من ذلك انها لاتعطي الفرد حرية التصرف ولا الحق في التملك الا في حدود معينة ولا تسمح له باختراق السد الحديدي الا لمهمة لصالح الدولة وغير ذلك من المضايقات حتى الضروريات المعيشية والحاجيات اليومية ، اعرف فتى كثيرا ما أسمعه يتبرم مما يراه سيئا من أحوال بلده واتفق أن أرسل في وفد الى بلد شيوعي لأمر يهم الطرفين .
وبعد أسابيع قفل الفتى راجعا إلى أرض الوطن وهو يحمل عن ذلك البلد صورة سيئة ، ولولا انني اثق به لعددت ذلك من مزاعم الافاكين ، فماذا قال عنه ؟ قال بالعبارة الواحدة : والله ماكنت اظن بلدا متقدما كهذا على مارايته من كبت لحرية الفرد وضغط لا أحسبه إلا كذلك القفص الذي يودع فيه العصفور راغما ذليلا ، أما المعيشة فحدث عنها ولا حرج تقتير في الأكل والشراب وتقتير في الملبس وفي كل شيء حتى الأشياء البسيطة ، أما الاخلاق فهي الإباحية المطلقة ولا وجود لما نسميه دينا إلا في بعض الأوساط الإسلامية.
ولما قلت له : لاشك أنك تعرف الان الفرق بين ذلك البلد وبلدك هذا اذا ما قارنت بينهما فيما تذكر قال : نعم لقد كنت أنقم حقا على بعض الأوضاع عندنا في الجزائر التي هي ماتزال في طريق النمو ، وبعد ما شاهدت ما ادهشني في ذلك البلد المتقدم ، ادركت خطئي وحمدت الله اذ لم يجعلني من أهل ذلك الجحيم الخانق ، وقلت في نفسي :لو كان للجزائر ما لذلك البلد من إمكانيات حياتية لكانت جنة على وجه الأرض .
اما الراسمالية التي تمثلها الدول الغربية بما فيها أمريكا فمعناها التهور الكلي والتبذير المفرط ، بحيث يباح للفرد أن يملك ما امكنه ان يملك وبأي طريقة كانت ويتصرف بكل حرية ولو كان في ذلك انتهاك للحرمان أو تعد على النفوس والأرزاق .
ولا نعجب إذا رأينا أحدا يفضل الذهاب الى أمريكا مثلا على الذهاب الى البلاد الشيوعية لانه يجد فيها بغيته ان لم يتقيد بأي مبدأ خلقي او وطني .
ولعل هذه الدول إذ تسلك هذا المنهاج في بلادها ترمي إلى أحد الأمرين :
أولهما اشغال مواطنيها بذلك عن التدخل في شؤونها ، والثاني هو تحبيب الهجرة اليها لذوي الادمغة من البلاد النامية وفعلا نراها بواسطة سفرائها في هذه البلاد تغري متخرجي الجامعات في شتى الفروع بالأموال الطائلة والمنازل الجاهزة من اجل الالتحاق بمعاهدها ومختبراتها لتستغل مواهبهم وإمكاناتهم الذهنية
méghazi yacine
كاتب المقالة
writer and blogger, founder of ♛ انســــان ☟ღ✎ .

جديد قسم :

Enregistrer un commentaire