✌مفهوم الشخصية 


ليست الشخصية في الانسان ان يعيش كحيوان أعجم لا يهمه الا ان يأكل ويشرب ،وليس له لغير الأكل والشرب 
قلب ينبض او نفس تتحرك ، أو كحيوان ناطق كما يقولون إن كنا لا نعزوا إلى الحيوان نطقا ولا تعبيرا وماهي أن يرتفع قليلا عن حالته هاته ، فيتسم بشيء من الوعي والإدراك بحيث يتجاوز فكرة حدود الشهوة البهيمية إلى حياة ارقى ، تتمثل في الملبس الأنيق والسكن الجميل ولا يكترث لشيء عدا هذه المظاهر الطفيفة ، وماهي أيضا أن يهوي كل هذه الأشياء وغيرها من ملذات الحياة ،وهو محصور في محيط نفسه الضيق أو في محيط أسرته وعشيرته ، كذلك السجين الذي تطول به العزلة فيشعر وكأنه في عالم غير عالم البشر ،فإن العقول تختلف ودرجات الوعي والإدراك تتفاوت ، ولكل واحد تفكيره الخاص في اكتناه الأشياء واكتشاف حقائقها ، وقد نلاحظ ذلك بتصفح أحوال الناس وتتبع سيرهم واحدا واحدا ، ان اكثريتهم لا يعطونك الجواب الصحيح إذا ألقيت عليهم الأسئلة التالية : لماذا خلقتم ؟ ما يجب عليكم كعقلاء مدركين ؟ وإن اجابوا ، فلن تلمس من نفوسهم الضعيفة ماينم عن فهم عميق وتفكير سليم ،بل تشهد عليهم ما يبرهن على أنهم بلغوا حقا درجة الرشد والنضج ليصبحوا أعضاء عاملة في جسم المجتمع .
إن هؤلاء القاصرين عقلا وتميزا سيبقون ما حيوا عبئا ثقيلا على مجتمعهم قبل ان يكونوا عبئا أثقل على الإنسانية بأسرها وبالتالي تموت ضمائرهم او يضللون على هامش الحياة ،لاهم احياء يذكرون ولا اموات يرحمون . إن الشخصية هي قبل كل شيء ان يعرف الانسان نفسه معرفة تعلو به إلى المستوى المطلوب بان لايسفل بها الى البهيمية الدنيئة فيدنأ ويردأ ولا تقذف به الى مهاوي التهور واللامبالاة فيهلك ويشقى ، فمن اوجب الواجبات ان يعتني بنفسه بكل ما في العناية من معنى من ذلك توجيهها الى ما يزكيها ويرفع شانها ، كطلب العلم ، واكتساب المحامد والمكارم ، وصرفها عما يشينها ويحط من قيمتها مهما كانت الصعوبات والمشاق ،ولا اعلم في الانسان صفة اخلق بالاعتبار والتقدير كالاعتداد بنفسه لان الاعتداد بالنفس يحبب لها العمل ويكره لها التواكل او الاتكال على الخير وما الحكماء الكبار العظماء البارزون الا من هذا الصنف الذي يعتد بنفسه ولايرضى في حال من الأحوال ان يكون عالة على سواه ولوكانوا اقرب الناس اليه .
فعلا قد يحتاج الانسان في بعض الأحيان الى المساعدة وقد لا يبخل بها الناس عنه ولكن المساعدة متى تكررت وطالت استحالت الى نقيض مايرجى من ورائها ، لانها تعود الانسان على الكسل والخمول والعجز عن الخلق والابتكار او على الأقل تحرمه من لذة الاجتهاد وان لم يحالفه النجاح.

 ولا ينبغي ان نجهل ما في تقليد الغير من الخطأ على المقلد ،ولا يقلد الا ضعيف النفس عديم الإرادة والشجاعة معا لاسيما اذا اخذ كل ما عند الغير من غث وسمين ، غير مفرق بين مايفيد ومالا يفيد اوبين ما يليق او مايليق ، ومن الغلط الفادح ان يعتقد المرء الكمال لجنس ما اوشعب ما كالفرنسيين اولانجليز مثلا بحيث تخلو أعمالهم واقوالهم جميعا من النقائص والعيوب ، وما اكثر الذين يحملون هذا لاعتقاد الباطل نحو هذا الجنس اوغيره فيلقون بأنفسهم بين احضانهن غير مبالين بقوميتهم ولا مبادئهم من اجل شيء تافه لا يسمن ولا يغني من جوع ، وقد يظفرون بخير الغنائم واحسن المنازل ولكن على حساب شرفهم وعزتهم كاناس لهم الحق في ان يعيشوا كغيرهم في هذا الوجود ثم انهم بقبولهم كل ما ياتيهم من الخارج يقيمون الدليل القاطع على عجزهم وانعدام قدرتهم على مجرد التفكير والاستنباط فضلا عما يطالبون به من عمل وابداع .

ولقد بلغ الحمق ببعض الأشخاص الى السخرية والا دراء باي شيء يتعلق ببلادهم ، ان لم اقل يصبون شتى أنواع الشتم والسباب على آبائهم واجدادهم الاولين ، اويخفضون رؤوسهم خجلا اذا ذكر هؤلاء او اولائك ذلك ما تلاحظه كلما ساقتك الاقدار الى مصادفة هذا الرهط التمرد ومهما حاولت واجتهدت فلن تستطيع اقناعهم ، اللهم الا اذا كنت اجنبيا ومن نفس الجنس الذي يتحمسون له .


   


méghazi yacine
كاتب المقالة
writer and blogger, founder of ♛ انســــان ☟ღ✎ .

جديد قسم :

Enregistrer un commentaire