👉العمل والمجتمع

كل الناس يعرفون العمل ، وقليلا منهم الذين يعرفون مفهومه الحقيقي والفوائد الجمة التي تنتج عنه ،إذا ما توفرت فيه الشروط المطلوبة ولا عجب اذا قلنا ان في الأرض أناسا يعملون الى حد الإرهاق في بعض الأحيان ولكنهم لايدرون لماذا يعملون ،وان درو فلا اكثر من ان العمل وسيلة لكسب الرزق وكفى وبدون العمل تكون شقاوتهم وسوء مصيرهم ولو سألناهم عن منافعه الأخرى فلا نجد لديهم غير الجهل والغباوة التي ما فوقها غباوة ،فالى مثل هؤلاء الغافلين ومن اجل تبصيرهم وصقل اذهانهم الساذجة لا ينفك أهل الفكر في كل زمان ومكان يقدمون ما امكنهم من دروس في الارشاد والتوعية والنصح لكيلا لايكونوا في حيرة من أمرهم ولا يحيوا حياة البهائم التي لا يهمها الا الاكل والشراب .

ولعلي اذا اكتب هذه العجالة ،أشارك بما استطيع من هذا الموضوع الهام ،فاقول ومن الله أستمد التوفيق والهداية .

ان العمل شيء ضروري في الحياة ولا تقوم الحياة ولا تستقيم احوالها الا بمجهود الرجال العاملين على ان العمل صنفان : عمل صالح وعمل غير صالح . اما العمل الصالح فهو الذي لا يسع العاقل الا ريب الا ان يصفق له اعجابا وإكبارا لما فيه من النتائج المرضية اللائقة وأما العمل غير الصالح فهو الذي لا ينال من العقلاء الا السخط و النفور والاشمئزاز لقلة نتائجه او لما يحتوي عليه من المضار أو المتاعب التي لاتطاق ولقد صدق الرسول صلى الله عليه وسلم وهو يصف الناس خير الناس العالمون وخير العالمين العاملون وخير العاملين المخلصون .

حقا ان العاملين الذين يتوجون أعمالهم بالإخلاص والمعرفة لخير الناس جميعا وله كل الحق في أن يستأثر لحبهم وتقديرهم حيا كان ام ميتا .

هذا وباعتبار الأغراض التي تؤدي إليها جهود العاملين ، يمكن ان نقسم هؤلاء الر أربعة أنواع :رجل يعمل لنفسه فقط ، ورجل يعمل لنفسه ولاسرته والطائفة التي ينتمي اليها ، ورجل يعمل لكافة مواطنيه ورجل يعمل للإنسانية جمعاء ، فالذي يعمل لنفسه لايابه لمصلحة الاخرين وان كانوا ضمن فئة تربطه بهم اوشاج القرابة والدم بل همه الوحيد ان يتمتع بلذائذ العيش ولاعليه لوهلك الناس جميعا فماذا نقول عنه وهوعلى هذه الحالة المنحطة الكريهة ؟ الم نقل انه اناني لا يملك من الكرامة والهمة العالية شيئا ؟

ولا ينبغ ان نغفل مايترتب على انانيته هاته من قصور في العمل وضعف من الإنتاج لان ادنى قدرمنه كان لارضاء نزواته واشباع رغباته ، وهل عامل منه هذا النمط يعد شيئا في حساب المجتمع الذي يحيط به ؟ لا والله بل يكون عليه وبالا وتعسا اذا اغتر بنفسه وتحول الى طاغية يعيث في الأرض فسادا .

والذي يتعداه عمله الى عائلته وقبيلته فليس بين حالته هذه وحالته الأولى الا فارق واحد هو اسداء نفعة الى اهله وذويه ، ومهما كان نفعه إياهم فانه لا يخلصه من وصمة الانانية والتخير الوضيع اذ يخفي في ثناياه قلبا قاسيا يكن الحقد والاحتقار لمن ليسوا له اهلا وعشيرة وهل ثمة عيب اشنع وافضع من كراهية الاخرين ؟ وهذه صورة صادقة عن ذوي القلوب الشاذة التي طمستها الانانية والغرور .

مر صديقان ببيت لاحد الفقراء فقال احدهما : ما احسن هذا الموقع وما انسبه للسكنى ؟ والله لو كان الامر بيدي لازلت هذا البيت القذر من هنا وابتنيت مكانه عمارة جميلة اتمتع بها مع اولادي فرد عليه صديقه قائلا : ارجولك ذلك ولكنني اخشى ان يسلط الله عليك عاصفة تنسف عمارتك وتقضي عليك وعلى اولادك جزاء انانيتك واغترارك بنفسك .

لقد كان هذا الرد الصريح طعنة نجلاء في قلب ذلك الرجل اللئيم ،ولم يزد كلمة واحدة ، وتابع طريقه وهو يلعن لسانه الذي فضحه واسفر على طويته السيئة .

ان أمثال هذا الرجل الحقود من الكثرة بمكان بحيث توافيهم انى حللت وارتحلت ، انهم جراثيم مؤذية لايسلم من شرها الا نبيه يقظ لا تخدعه المظاهر الخلابة ولا تستهويه الاقوال المعسولة ولكنك على الرغم من هذه الكثرة الهائلة تصادف رجالا طيبين لايعمل احدهم عملا الا ويريد به نفع مواطنيه واسعادهم ولا يخطر له ببال أصلا ، ان ينفرد بالغنيمة دون ان يجعل لبني وطنه فيها نصيبا ، وانك لتراه يجد ويجتهد وكانه لايحس بتعب اومشقة ، اوكانما في التعب والمشقة راحته ومسرته وما ذاك إلا لانه يقدر الواجب حق قدره وفي سبيل الواجب يهون عليه كل شيء ولا يرهبه أي شيء ما كان في الواجب خير وطنه ورفاهيته .

الصفحات

♛ انســــان ☟ღ✎

👉العمل والمجتمع